نشأته
ولد مصطفى كامل في (1 رجب 1291هـ = 14 من أغسطس 1874م)، وكان أبوه "علي محمد" من ضباط الجيش المصري، وقد رُزِقَ بابنه مصطفى وهو في الستين من عمره، وعُرِف عن الابن النابه حبُّه للنضال والحرية منذ صغره؛ وهو الأمر الذي كان مفتاح شخصيته وصاحبه على مدى 34 عامًا، هي عمره القصير.
والمعروف عنه أنه تلقى تعليمه الابتدائي في ثلاث مدارس، أما التعليم الثانوي فقد التحق بالمدرسة الخديوية ، أفضل مدارس مصر آنذاك ، والوحيدة أيضًا ، ولم يترك مدرسة من المدارس إلا بعد صدام لم يمتلك فيه من السلاح إلا ثقته بنفسه وإيمانه بحقه.
وفي المدرسة الخديوية أسس جماعة أدبية وطنية كان يخطب من خلالها في زملائه، وحصل على الثانوية وهو في السادسة عشرة من عمره، ثم التحق بمدرسة الحقوق سنة (1309هـ = 1891م)، التي كانت تعد مدرسة الكتابة والخطابة في عصره، فأتقن اللغة الفرنسية، والتحق بجمعيتين وطنيتين، وأصبح يتنقل بين عدد من الجمعيات؛ وهو ما أدى إلى صقل وطنيته وقدراته الخطابية.
وقد استطاع أن يتعرف على عدد من الشخصيات الوطنية والأدبية، منهم: "إسماعيل صبري" الشاعر الكبير ووكيل وزارة العدل، والشاعر الكبير "خليل مطران"، و"بشارة تكلا" مؤسس جريدة "الأهرام"، الذي نشر له بعض مقالاته في جريدته، ثم نشر مقالات في جريدة "المؤيد".
وفي سنة (1311هـ = 1893م) ترك مصطفى كامل مصر ليلتحق بمدرسة الحقوق الفرنسية؛ ليكمل بقية سنوات دراسته، ثم التحق بعد عام بكلية حقوق "طولوز"، واستطاع أن يحصل منها على شهادة الحقوق، ووضع في تلك الفترة مسرحية "فتح الأندلس" التي تعتبر أول مسرحية مصرية، وبعد عودته إلى مصر سطع نجمه في سماء الصحافة، واستطاع أن يتعرف على بعض رجال الثقافة والفكر في فرنسا، وازدادت شهرته مع هجوم الصحافة البريطانية عليه.
مساعي مصطفى كامل في إنشاء الجامعة
علم الزعيم مصطفى باشا كامل في أثناء وجوده ببريطانيا للدفاع عن القضية المصرية والتنديد بوحشية الإنجليز بعد مذبحة دنشواي، أن لجنة تأسست في مصر للقيام باكتتاب عام لدعوته إلى حفل كبير وإهدائه هدية قيمة؛ احتفاءً به وإعلانًا عن تقدير المصريين لدوره في خدمة البلاد، فلما أحيط علما بما تقوم به هذه اللجنة التي كان يتولى أمرها محمد فريد رفض الفكرة على اعتبار أن ما يقوم به من عمل إنما هو واجب وطني لا يصح أن يكافأ عليه، وخير من ذلك أن تقوم هذه اللجنة "بدعوة الأمة كلها، وطرق باب كل مصري لتأسيس جامعة أهلية تجمع أبناء الفقراء والأغنياء على السواء، وأن كل قرش يزيد عن حاجة المصري ولا ينفقه في سبيل التعليم هو ضائع سدى، والأمة محرومة منه بغير حق".