القاهرة - محمد الصادق[url=mailto://][/url]
تمثل الإعلامية كريمان حمزة علامة بارزة في مسيرة العمل الإعلامي العربي، فهي من أولى المذيعات المحجبات في التلفزيون المصري، والتي استطاعت أن تصل إلى قلب وعقل كل مشاهد عربي من خلال اتجاهها إلى تقديم العديد من البرامج الدينية التي حازت على شهرة واسعة وأبرزت أهم المشكلات التي تعتري المجتمع العربي، عبر برامجها «الرضا والنور» و«الكلمة الطيبة» و «رحلة العمر» و «400 رسالة لأختي المؤمنة»، وساعدها على استمرار النجاح سيرها على خدمة الدعوة الإسلامية، وتوضيحها لسماحة الإسلام، وتصحيح مبادئه.
«الجريدة» تلتقي بها على مائدة الذكريات الرمضانية، لتفصح عن أهم الملامح الرمضانية التي عايشتها ومازالت عالقة في الذاكرة منذ الطفولة وحتى الآن فتقول:
كلما هلّ شهر رمضان تنتابني سعادة من نوع خاص، حين يزورنا هذا الضيف العزيز مرة في السنة، فهو شهر التقرب إلى الله والعمل على إرضائه، فتنشرح الصدور وتخفق القلوب فرحة بقدوم الضيف الجديد، لا أعرف كيف أصف مشاعري، وكيف أوضح إحساسي، شعور رائع بتجديد كل شيء في حياتي، وحياة أسرتي، خصوصا أن الله عز وجل منحنا «هدية» قد يغفلها البعض لأنهم لا يعلمون قيمتها أو يتغافلون عنها! وفي المقابل يحافظ عليه الكثيرون حتى لا تنساب من بين أيديهم، لأنها هدية ثمينة يعلمون قيمتها.
«الرضا والنور»وتضيف: بكل صدق أتمنى لو كان بالإمكان أن نطيل شهر رمضان، ولكنه كتاب موقوت عدداً وتوقيتاً، يغسل الصوم روح البدن في هذا الشهر الكريم، يجعلك تشعر وكأنك انسلخت من رتابة أحاسيسك، تشعر وكأنك روح فقط، تتطلع إلى الله، وتبتهج بذكره، وأتذكر ان أول برامجي «الرضا والنور» قدمته في شهر رمضان الكريم والذي بحق كان كريماً علي جداً وهذا من فضل الله علي، وكان البرنامج يشتمل على العديد من الاستفسارات التي تهم الأخ والأخت المسلمة، وبصفة عامة الأسرة العربية المسلمة، وكان سؤالي لأحد العلماء «ضيف الحلقة» لماذا نشعر في رمضان بكل هذه الراحة والطمأنينة؟ وأجاب فضيلته: لأنك اقتربت من الله وتذكرته في نهارك واتقيته في ليلك، وهذا هو شعور المؤمن المتقرّب إلى ربه، فلو كنت في بقية الشهور بنفس إيمانك وقربك من ربك، لأصبحت مطمئن النفس مرتاح البال في سنتك كلها، وأصبحت الأيام عندك كلها تحمل حماس رمضان، وبهجة رمضان. وتضيف حمزة: لقد أحسن الشيخ في شرحه وتفسيره لهذا الإحساس الرائع، فالسر يكمن في القرب من الله، فقد جعلت الله في قلبك شهراً كاملاً، لا تلهيك عنه ملاهي الدنيا الكثيرة، السر يكمن في ذكرك المتواصل لله، ليل نهار، وكما قال تعالي: «ألا بذكر الله تطمئن القلوب» صدق الله العظيم، نعم هذا هو سر رمضان.
روحانيات رمضانوتتوقف لحظة عن الحديث وتبتسم وتقول: أخذتني روحانيات رمضان في الحديث عنه وأنا في الكبر، لكن أجمل الأيام الرمضانية تعايشت بمعناها الحقيقي في منزل الأسرة في مصر الجديدة، كنت أفرح جداً بالفانوس «ذي الشمعة» قبل ظهور «فانوس» البطارية الذي نراه يملأ المحلات والأسواق الآن، ونخرج بعد الإفطار نغني الأغنية الرمضانية الشهيرة «حالو يا حالو» و «رمضان جانا» كان لدي حب شديد لتناول المكسرات، أتذكر أمي ـ رحمها الله ـ كانت طباخة ماهرة، قبل أن يقعدها المرض والشيخوخة، كانت تتفنن في إعداد أشهى المأكولات الرمضانية، أتذكر ملامح من طفولتي البعيدة، حينما كنت أغافل أمي، واضطر للإفطار قبل آذان المغرب، بعد أن أفقد قدرتي على مقاومة الرائحة الذكية المنبعثة من المطبخ، وكانت تنهرني لهذا التصرف، وأحياناً أخرى تتغاضى مشفقة علي لصغر سني ولأنني كنت طفلة ضعيفة جداً!!
الصيام الى الظهر!وتتذكر الإعلامية كريمان حمزة تجربتها الأولى في الصيام فتقول: لأنني كنت طفلة ضعيفة جداً، فقد بدأت رحلة الصيام في مرحلة متأخرة، فلم يسمح لي بالصيام كاملاً، ولأنني كنت أول طفلة لأبوي ـ رحمهما الله ـ فكانا يخافان عليّ جداً، وعندما وجدت أمي أنني مصممة على الصيام مثل زميلاتي في المدرسة، ساعدتني على الصيام حتى الساعة 12، أي حتى آذان الظهر، ثم اليوم التالي حتى الواحدة ظهراً، وبالتدريج بدأت أكمل صيام اليوم كله، وبعدما كبرت عرفت أن هذا صيام «لعب» ولازم أصوم، لكن كنت أتعب جداً في الصيام، وتزوجت مبكراً في سن الخامسة عشرة. وتضحك وتستكمل حديث ذكرياتها وتقول: بعد زواجي كان معظم شهر رمضان يأتي إمّا أن أكون حاملاً أو في حالة وضع أو رضاعة، فلم استطع الصيام لفترة كبيرة بعد الزواج وبفضل الله أصبحت فيما بعد صوامة قوامة، وأصوم حالياً الأشهر الثلاثة؛ رجب وشعبان ورمضان. وستة أيام من شوال (الستة البيض).
أجمل الذكرياتولاتزال تتصفح حمزة ملف الذكريات الرمضانية، واشارت إلى الفترة التي كانت تعمل بها في التلفزيون المصري في هذا الشهر الكريم فتقول: تعود أجمل الذكريات إلى بداية التحاقي بالتلفزيون المصري قبل حوالي 21 عاماً، ومع أول رمضان لي في التلفزيون عايشت مناخاً رائعاً لعل أجمل ما يميزه ذكريات البرامج الدينية التي تستقطب أشهر قراء القرآن الكريم وعلماء الأزهر، ليقدموا في بث مباشر تلاوة القرآن والمحاضرات والندوات الدينية، وكم هو جميل ومفيد أن تقترب من هؤلاء الذين يعتبرون مدارس راسخة، ولكل منهم مميزاته الخاصة ولونه الفريد، وكيف استفدت أنا شخصياً كمذيعة مبتدئة حينئذ من كل هذه السمات وكذلك الطقوس الخاصة التي يمارسها كبار العلماء، كما أن هناك العديد من المواقف والذكريات، فلا أنسى في رمضان مشهد استوديوهات التلفزيون وهى تعمل على مدار الساعات الأربع والعشرين وقد امتلأت بضيوف من كل التخصصات (فنانين وأدباء وعلماء دين وصحفيين وأكاديميين وأطباء) بحيث لا تجد تخصصاً غير ممثل في الضيوف، فكانت البرامج لا تحتاج للخروج خارج مبنى التلفزيون لكي تستكمل تسجيل حلقات برنامج طوال الشهر الكريم، فالضيوف متاحون على مدار الساعة، وكنا نضطر أحياناً للوجود داخل المبنى لمدة تصل الى عشرين ساعة متواصلة، ولم تكن هناك مشكلة، الإفطار موجود، والسحور موجود، حيث يوجد بجوار كل استوديو استراحة تقام فيها الموائد «الإفطار والسحور» فتلك مائدة القناة الأولى وهذه وليمة القناة الثانية، وهذا إفطار القناة الثالثة، والخير كثير شهر الخير، فعلاً شهر الخير والبركة والرحمة وشهر القرآن، ولكنه بالإضافة إلى ذلك شهر العمل.
«الأربعون النووية»وتشير كريمان حمزة إلى عملها بقناة «اقرأ» في أحد أشهر رمضان، فتقول: قدمت على شاشة «اقرأ» طوال الشهر الفضيل من خلال برنامج «الأربعون النووية» أي الأربعين حديثا التي رواها الإمام النووي، 42 حلقة مدة الحلقة 45 دقيقة، اشترك معي من العلماء فضيلة الدكتور علي جمعة، والدكتور أحمد عمر هاشم، والدكتور عبدالحليم عويس، والدكتور جابر قميحة، والشيخ إسماعيل الدفتار، وهذه الحلقات جمعت أبواب الإسلام من أولها إلى آخرها، فمن يشاهد «الأربعون النووية» يتعرف على الإسلام من بداية نزول الرسالة على الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - حتى الآن.
وعن اليوم الرمضاني تقول: أغلق بابي للتفرغ التام للعبادة والصلاة والتراويح وختم القرآن ثلاث مرات في الشهر «قراءة بوعي وفهم» يأتي في المقام الثاني صلة الرحم والسؤال عن الأهل والأصدقاء، وبحكم أنني أصبحت كبيرة العائلة فلا أستطيع أن أمنع «العزومات» في منزلي أو في منزل العائلة الذي يفتح في مثل هذه الأيام. وتضحك وتؤكد: ولكني مثل الضيف الذي يأكل وينسحب بسرعة!!