وأرسل إلى الشيخ علي يوسف صاحب جريدة المؤيد برسالة يدعو فيها إلى فتح باب التبرع للمشروع، وأعلن مبادرته إلى الاكتتاب بخمسمائة جنيه لمشروع إنشاء هذه الجامعة، وكان هذا المبلغ كبيرًا في تلك الأيام؛ فنشرت الجريدة رسالة الزعيم الكبير في عددها الصادر بتاريخ (11 من شعبان 1324هـ= 30 من سبتمبر 1906م).
ولم تكد جريدة المؤيد تنشر رسالة مصطفى كامل حتى توالت خطابات التأييد للمشروع من جانب أعيان الدولة، وسارع بعض الكبراء وأهل الرأي بالاكتتاب والتبرع، ونشرت الجريدة قائمة بأسماء المتبرعين، وكان في مقدمتهم حسن بك جمجوم الذي تبرع بألف جنيه، و سعد زغلول و قاسم أمين المستشاران بمحكمة الاستئناف الأهلية، وتبرع كل منهما بمائة جنيه.
غير أن عملية الاكتتاب لم تكن منظمة، فاقترحت المؤيد على مصطفى كامل أن ينظم المشروع، وتقوم لجنة لهذا الغرض تتولى أمره وتشرف عليه من المكتتبين في المشروع، فراقت الفكرة لدى مصطفى كامل، ودعا المكتتبين للاجتماع لبحث هذا الشأن، واختيار اللجنة الأساسية، وانتخاب رئيس لها من كبار المصريين من ذوي الكلمة المسموعة حتى يضمن للمشروع أسباب النجاح والاستقرار.
وأتمت لجنة الاكتتاب عملها ونجحت في إنشاء الجامعة المصرية يرئسها الملك فؤاد الأول آنذاك.
علاقة مصطفى كامل بالخديو عباس حلمي الثاني
من المعروف أن الخديو عباس قد اصطدم في بداية توليه الحكم باللورد كرومر في سلسلة من الأحداث كان من أهمها أزمة وزارة مصطفى فهمي باشا عام 1893 ، و توترت العلاقات إلى حد خطير في حادثة الحدود عام 1894 ، و كان عباس يري أن الإحتلال لا يستند إلى سند شرعي ، و أن الوضع السياسي في مصر لا يزال يستند من الناحية القانونية إلى معاهدة لندن في 1840 و الفرمانات المؤكدة لهذه المعاهدة إلى جانب الفرمانات التي صدرت في عهد إسماعيل بشأن اختصاصات و مسئوليات الخديوية ، فالطابع الدولي للقضية المصرية من ناحية إلى جانب عدم شرعية الاحتلال كانا من المسائل التي استند عليها عباس في معارضته للاحتلال ثم رأى عباس أن يستعين كذلك في معارضته للاحتلال بالقوى الداخلية . ولا نعتقد أن الخديو عباس كان على إستعداد للسير في صرامة ضد كرومر إلى حد التفكير في تصفية الاحتلال نهائياً ، بل كانت معارضته المترددة لسياسة كرومر تستهدف المشاركة في السلطة حتى في ظل الاحتلال. أما بالنسبة لتعاون مصطفى كامل مع عباس غله أسبابه أيضاً من وجهة نظر مصطفى كامل . أولاً : يجب أن نقرر أن الحركة الوطنية المصرية في ذلك الوقت كانت أضعف من أن تقف بمفردها في المعركة. ثانياً : أن مصطفى كامل كان يضع في اعتباره هذفاً واحداً و هو الجلاء و عدواً واحداً و هو الإحتلال ، و لذلك كان مصطفى كامل على استعداد للتعاون مع كل القوى الداخلية و الخارجية المعارضة للاحتلال ، أما المسائل الأخرى التي كانت العناصر الوطنية المعتدلة ، من أمثال حزب الأمة فيما بعد ، تضعها في الإعتبار الأول كمسألة الحياة البرلمانية و علاقة مصر مع تركيا و غيرها فكلها مسائل يجب أن تترك حتى يتخلص المصريون من الإحتلال .
اهتمامه بالحياة الثقافية
في عام (1316هـ = 1898م) ظهر أول كتاب سياسي له بعنوان "كتاب المسألة الشرقية"، وهو من الكتب الهامة في تاريخ السياسة المصرية. وفي عام (1318هـ = 1900م) أصدر جريدة اللواء اليومية، واهتم بالتعليم، وجعله مقرونًا بالتربية .
[تحرير] من أقواله المأثورة
• لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً.
• أحراراً في أوطاننا، كرماءاً مع ضيوفنا.
• الأمل هو دليل الحياة والطريق إلى الحرية.
• لا معني لليأس مع الحياة ولا معني للحياة مع اليأس.
• إني أعتقد أن التعليم بلا تربية عديم الفائدة.
• إن الأمة التي لا تأكل مما تزرع وتلبس مما تصنع أمة محكوم عليها بالتبعية والفناء
وإن من يتهاون في حق من حقوق دينه وأمته ولو مرة واحدة يعش أبد الدهر مزلزل العقيدة سقيم الوجدان
اتجاهاته
كان مصطفى كامل يفضل وجود الدولة العثمانية عن الوجود البريطاني أو الوجود المسيحي بشكل عام بالبلاد العربية حيث أن الدولة العثمانية كانت تمثل الخلافة الاسلامية وهى التي كان يرى وجوب الخضوع لها حتى بعد ما كان يرى من مظاهر التخلف المنتشر بالبلاد العربية والذي كان يرجع إلى الدولة العثمانية التي عزلت الدول العربية عن الحياة الثقافية وساعدت على انتشار الخرافات والامراض واهتمت بتوسعاتها دون الاهتمام بمصلحة شعوبها.